ا في المستقبل إلى زيادة و ترسيخ التخلف في الطبقات الفقيرة و صعوبة تقليل الفوارق بين الطبقات العالية الدخل و الفقيرة في المجتمع مما بهدد الاستقرار الاجتماعي.
- زيادة و انتشار البطالة في المجتمعات و خاصة في الدول النامية بسبب الاتجاه إلى استخدام الأساليب كثيفة رأس المال, التي تعتمد على استخدام عدد أقل من القوى العاملة, و ذلك بسبب الحاجة إلى تخفيض تكاليف و زيادة مستوى الجودة, فلا مكان للمنافسة في السوق العالمية الموحدة بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية.
- إحلال مفاهيم جديدة محل القديمة كسيادة مفهوم الميزة التنافسية, و حلوله محل الميزة النسبية, بعد توحد الأسواق الدولية و سقوط الحواجز بينها, و كذلك سقوط مفهوم التساقط الذي تبناه البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لمدة طويلة, حيث إن الطبقات العالية الدخل في الدول النامية هي طبقات مسرفة لا تدخر و لا تستثمر و تبدد فوائضها في مصارف استهلاكية لا يستفيد منها الجميع, و هو ما أدى إلى تناقض معدلات النمو في هذه الدول بسبب الاستثمارات و زيادة عجز الموازين التجارية و موازين المدفوعات.
و تعني الميزة التنافسية للدولة قدرتها على إنتاج سلع و تصديرها لتنافس في الأسواق العالمية دون أن تتوفر لها المزايا التي تساعدها على إنتاج هذه السلع مثل الظروف الطبيعية و المناخية و المواد الأولية, وذلك نتيجة تفوقها التكنولوجي, حيث يمكن لها استيراد المواد الأولية من الخارج و تصنيعها بدرجة عالية من الجودة و بتكلفة أقل لتنافس في السوق العالمي مثلما يحدث في اليابان, و سنغافورة و دول جنوب شرق آسيا, و قد ساعد على ذلك تناقص قيمة المادة في السلع و زيادة القيمة الفكرية و الذهنية نتيجة استخدام الحاسب و أجهزة الاتصالات.
أمـا الميـزة النسبيـة, فهي تعني توفر مزايا للدولة تساعدها على إنتاج سلع معينة كالظروف الطبيعية و المناخية و المواد الأولية أو القوى العاملة الرخيصة, إلا أن هذه المزايا قد لا تساعدها على المنافسة في الأسواق العالمية؛ ربما لانخفاض الجودة أو لارتفاع التكلفة بسبب غياب التكنولوجيا.
- اتجاه منظمات الأعمال و الشركات إلى الإندماج؛ لتكوين كيانات إنتاجية و تصنيعية هائلة, الغرض منها توفير العمالة و تقليل تكاليف الإنتاج و الحصول على مزايا جديدة كفتح أسواق جديدة أو التوسع في الأسواق الحالية, و هو ما نشاهده الآن من اندماجات الشركات الكبرى مع بعضها, حيث دخلنا فيما يسمى بعصر "الديناصـورات الإنتاجيـة" الهائلة و الأمثلة على ذلك كثيرة في مجالات البترول و التكنولوجيا و المعلومات والمصارف, و ينتج عن ذلك بالتأكيد تطوير كبير في علم الإدارة و الرقابة و السيطرة للتوصل إلى مهارات إدارية و تنظيمية و صيغ جديدة من الأشكال التنظيمية التي تناسب هذه الكيانات الكبيرة.
-2-I خصائص العولمة الإقتصادية: (1)
-1 تدفق التبادلات التجارية كمحرك للنمو الإقتصادي:
التبادلات التجارية: تمكن الخاصية الرئيسية للعولمة الإقتصادية أساساً في الزيادة السريعة و المتزايدة للتجارة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية, إذ نلاحظ التزايد السريع لقيمة تبادل البضائع أكثر من قيمة الإنتاج و المداخيل (إجمالي الناتج الداخلي الخـام).
فعلى سبيل المثال فإن حصة الخدمات (المواصلات, التأمينات, الاتصالات السلكية و اللاسلكية, السياحة, حقوق التأليف...) من التأليف ذات التكاثر و إن التكاثر المسترسل و المستمر بشكل واضح, إذ تمثل هذا الأخير اليوم 1/5 التبادلات, هذا من جهـة, تتزايد حصة المنتوجات المانفاكتورية كذلك على حساب المنتوجات القاعدية الموجهة أساساً للتحويل في القطاع الصناعي، إذ انتقلت نسبة الخدمات من %56 سنة 1982 إلـى %73 سنة 1992م من جهة أخرى.
هيمنة الشمال: تحقق الدول المتطورة أكثر من ¾ التجارة العالمية, و على العموم فإن مساهمة الدول السائرة في طريق النمو لهذا القرن تشهد تزايداً ملحوظاً منذ بداية التسعينات في مجال التجارة العالمية.
-2 انفجار و تدفق التبادلات المالية و الاستثمارات في الخارج:
إلغاء التنظيمات: تميزت العولمة بتسريع المتبادلات المالية و تطور الاستثمارات المباشرة في الخارج, إن مصدر هذه الحركة يعود جزئيا إلى تعميم الانزلاقات و عدم التحكم فيها خلال الثمانينات, و مما سهل من هذه المهمة وجود الابتكارات التكنولوجية التي تؤدي إلى توزيع الإعلام و التحويلات الفورية, عرفت كل نشاطات البورصة و البنوك الداخلية و كذا الحركات لرأسمال تحررا مطلقا.
فعلى سبيل المثال, إن التزايد المالي في الأسواق المصرفية ما بين 1988-80 تضاعفت بحوالي 8.5 مرة في دول منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية (OCDE), و تدفق الاستثمارات المباشرة في الخارج ب3.5مرات, و كذا التدفق التجاري و الناتج الداخلي الخام ب 1.9مرة, و هكذا فـإن الاستثمارات المباشرة في الخارج زادت سرعتها بثلاث مرات عن المبادلات التجارية خلال سنوات الثمانينات, و قد بلغ مجمل الزيادة السنوية للإستثمارات حوالي 870مليار مقابل 290مليار خلال العشرية السابقة, و بهذا تصبح أهمية وزن القطاع الخدمات (المال/ التوزيع) تعادل و تساوي الاستثمارات الصناعية.
- الدول الصناعية: شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تقلصا ملحوظا لحصتها في الاستثمارات في الخارج, و لكن هذه الدولة إلى البلد الرئيسي المستقبل لهذه الاستثمارات, بينما كرست حضورها و تواجهها في العالم كل من هولنـدا و بريطانيـا العظمـى و ألمانيـا, من جهة أخرى حققت فرنسا و اليابان تغلغلاً معتبراً.
- تاريخيـاً: ساهمت الدول المتخلفة بقسط ضئيل في هذه الحركة, ما دام أنّ تزايد استثمارات تمركز في الدول المصنعة عموماً, و لكن انعكس اتجاه الاستثمارات في أواخر الثمانينات, إذ أن حصة الدول السائرة في طريق النمو من الاستثمارات في الخارج عرفت تزايداً ملحوظاً, و انتقل من %15 في سنة1989 ليصل إلـى %43 في 1993, و لكن تدفق الاستثمارات في اتجاه الدول المتخلفة تميز جغرافي بارز (جنوب شرق آسيا خصوصاً), و بسرعة فائقة تبرز و تنفرد خصوصيتها المالية الآسيوية الأخيرة التي شهدتها هذه المنطقـة.
- التشجيع على عدم وضع قواعد تنظيمية: مكنت السيولة المالية للمؤسسات من خلق و انتقال وحداتها الإنتاجية بكل سهولة في البلدان التي تتساهل كثيراً في مجال الأعباء الأجرية و الضرائب و القوانين البيئية, لذا يمكن للبلدان الصاعدة أن تتسامح في مجال المعايير الإجتماعية و البيئية قصد جذب أكبر عدد من الاستثمارات و رؤوس الأموال الأجنبية, هذه الفرضية يجب أخذها بكل تحفظ, لكن الشيء المؤكد في هذا الشأن هو أنّ الرقابة و الصرامة للقواعد و الإجراءات القانونية, الاجتماعية, و البيئية, و خاصة مرونة في العقوبات, كل هذا جعلها عوامل جذب أو إغراء رأسمال المتأني من المؤسسات التي يهمها الربح فقط.
-3 الدور الضروري لقوة الشركات المتعددة الجنسيات:
إن الظواهر التي وصفناها سابقا, كانت الشركات المتعددة الجنسيات وراء تفعيلها أو المساهمة فيها, إذ تزامن هذا التزايد في الشركات و بالتوازي مع هذه الحركة العالمية و التي عادت عليها بأرباح و منافع هائلة.
- منافع تحت الرقابة: تمحورت مبادلات الشركات العظمى المتعددة الجنسيات حول أربعة قطاعات أساسية (البترول, السيارات, التكنولوجية, العالمية, البنوك), و لكن تعتمد هذه الأخيرة على خلق شبكة معتبرة من الفروع في الخارج كامتداد و توابع لها في الدول النامية, و تتضمن تلك الشركات العظمى كل المبادلات, و تحقق %70 من الاستثمارات المباشرة في الخارج باعتبارها المحرك الرئيسي لتوسعها.
و تقدم هذه الشركات أداة تسيير, و مهارات جيدة في مجال التحكم التكنولوجي, و إيجاد منفذ للتغلغل في الأسواق العالمية و لكن يمكن أن تعتمد على أن الأسواق المحلية, لذا فهي تستفيد من وفرة اليد العاملة الرخيصة في سـوق العمـل.
- القدرة التنافسية: و تؤهل هذه الخصائص للشركات المتعددة الجنسيات, لاكتساب وزن في كل تفاوض مع الدول سواء الشمالية أو الجنوبية, و في هذا الإطار تستطيع هذه الشركات اكتساب الوسائل اللازمة للتأثير بشكل كبير في السياسات العمومية و بخاصة البيئة, و هذا ما يفسر المشاركـة الفعالة للشركات الكبرى في اللقاءات و المفاوضات الدولية حول البيئة و التنمية, و كذا المناقشات المتعلقة بمدونات حسن السلوك الإداري و المهيأة خصيصاً لهذه الشركات.
- تطبيق أحداث أساليب الإدارة و يتم توظيف الكفاءات و تستخدم وسائل الإتصال (الكمبيوتر, الأنترنت), و اتخاذ القرار المناسب في الوقت و أحكام الرقابة على النشاطات الإقتصادية في العالم, فالعولمة أساسها اقتصادي بالدرجة الأولى, لأنها أكثر وضوحـاً في أرض الواقع و أصبحت النظم الإقتصادية متقاربة و متداخلة تحكمه أسس مشتركة, و تديره مؤسسات و شركات عالميـة.
أمـا الأسواق التجاريـة و الماليـة فأصبحت خارجة عن تحكم دول العالم, و أصبحت الشركات الكبرى تدير عمليات الاستثمار و الإنتاج, و بهـذا أصبحت حركة رأس المال و الاستثمار, و الموارد و السياسات ز القرارات على الصعيد العالمي, و ليست على الصعيد المحلي.
نتيجـة لذلك, عرف النظام الاقتصادي العالمي خلال التسعينات ظهور عدة معالم منها:
- تداخل الإقتصاد العالمي؛
- التسارع نحو الإقتصاد الحر؛
- الخصخصة و الاندماج في النظام الرأسمالي؛
- تحول المعرفة و المعلومة إلى سلعة استراتيجية و أصبح التركيز على الخدمات بدلا من الصناعـة.
ظهور تكتلات تجارية رئيسية تتمحور حولها الإقتصاد العالمي؛