دور الوكالة الوطنية لدعم و تشغيل الشباب في الجزائر في تمويل المؤسسات المصغرة ورفع مستوى التشغيل والاستثمار- " منطقة بشار حالة دراسية خاصة "
د.بودي عبد القادر أ.بوسهمين أحمد أ.طافر زوهير
أستاذ مساعد أستاذ مساعد أستاذ محاضر
univ_ahmed@yahoo.fr t_zoheir@hotmail.comكلية العلوم الإقتصادية و العلوم التجارية و علوم التسيير
المركز الجامعي بشار- الجزائر
مقدمة :
إن تفعيل الإقتصاد الوطني يتطلب خلق إستثمارات تدفع عجلة التنمية , و تعمل على نهوض المجتمع في شتى المجالات , حيث برزت أهمية ذلك بعد التحولات الإقتصادية التي شهدتها الجزائر نتيجة ظهور الأزمة الإقتصادية بسبب ضعف جهاز الإنتاج , الذي كان يعتمد على مؤسسات لا يمكن التوسع فيها لأنها تتطلب إستثمارات ضخمة لا يمكن توفيرها أمام مشكلة المديونية مما أدى إلى حل أغلبيتها , و زاد هذا الأمر في تفاقم ظاهرة البطالة و بلوغها مستويات خطيرة من التطور الذي أدى إلى نتائج إقتصادية و إجتماعية سلبية لا يمكن تجاهلها , مما دفع الجزائر إلى إنتهاج سياسة تفعيل الإستثمارات و ذلك بتوجيهها نحو المشروعات الصغيرة , أي المؤسسة التي يسهل تمويلها , و خاصة منها المؤسسات المصغرة , التي برزت أهميتها بالنسبة لتحقيق التنمية المستدامة التي يجب أن تشمل كل المناطق المختلفة من البلاد بترقية و تطوير إقتصادياتها المحلية , و تعزز هذا المسعى بإنشاء الوكالة الوطنية لدعم و تشغيل الشباب (ANSEJ)(1) , و تأسيس الصندوق الوطني الخاص بذلك(FNSEJ) (2), الذي حددت طبيعة نفقاته المتعلقة أساسا في تمويل الإستثمارات و دعم الشباب , بالإضافة إلى الضمانات التي تقدم للبنوك و المؤسسات المالية التي تمنح القروض ضمن إطار هذا الجهاز , و من أهمها صندوق الكفالة المشتركة لضمان أخطار القروض الممنوحة للشباب ذوي المشاريع(FCMGRCJ)(3) .
إضافة إلى تدعيم الوكالة بهياكل إدارية و مالية لتخفيض الأعباء الضريبية عنها , كما أن الدولة تمنح تسهيلات و إمتيازات تحفز بها الإستثمار ضمن إطار هذا الجهاز , الذي عرف تطورا ملحوظا من سنة لأخرى , و ذلك بفضل القوانين و التعديلات المتتالية التي تحكم تسيير عمله ضمن إتجاه مواكبة التطورات المستمرة في الإقتصاد الوطني , ونسب الدعم المعتبرة و المشجعة , الهادفة إلى تكوين مؤسسات شبانية أو مستثمرات فلاحية بدعم من الدولة و التي تعمل على جمع مجموعة من الشباب في مشاريع استثمارية مصغرة , الهدف منها إمتصاص البطالة وتنمية الاقتصاد المحلي و الوطني والاهتمام بالمشاريع الصغيرة التي لم يعط لها أهمية في السابق لخلق تكامل اقتصادي, ولهذا تم إختيار موضوع المقال و الذي يتمحور حول دور المؤسسات المصغرة في إطار" الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب" في التشغيل ، للدور الذي تلعبه في الحد من البطالة و زيادة وتيرة التنمية الاقتصادية على المستوى الوطني و المحلي " منطقة بشار".
و على هذا إرتئينا دراسة ذلك من خلال المحاور التالية :
I- مفهوم المؤسسة المصغرة و أهميتها لدعم عملية التنمية.
II- آلية تمويل وخلق المؤسسات المصغرة عن طريق" الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب " .
III- إسهامات إنشاء و خلق المؤسسات المصغرة عن طريق "الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب " في التشغيل على المستوى الوطني و المحلي بمنطقة بشار .
I- مفهوم المؤسسة المصغرة و أهميتها لدعم عملية التنمية.
1- مفهوم المؤسسة المصغرة:
التعريف المعتمد بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو التعريف الذي حدده الاتحاد الأوربي(4) سنة 1996 , والذي كان موضوع توصية جميع الأعضاء والذي صادقت عليه الجزائر في جوان سنة 2000 , ويرتكز هذا التعريف على ثلاثة مقاييس ( المستخدمون ، رقم أعمال الحصيلة السنوية واستقلالية المؤسسة) وحسب هذا التعريف فإن : المؤسسة المصغرة هي مؤسسة تشغل أقل من 10 أجراء , أما المؤسسة الصغيرة هي تلك التي توافق معايير الاستقلالية وتشغل أقل من 50 أجير وتنجز رقم أعمال سنوي لا يتجاوز سبعة ملايين أورو أو لا تتعدى ميزانيتها السنوية خمسة ملايين أورو.
أما المؤسسة المتوسطة هي تلك التي توافق معايير الاستقلالية وتشغل اقل من 250 عامل ولا يتجاوز رقم أعمالها السنوي 40 مليون أورو أولا تتعدى ميزانيتها السنوية 27 مليون أورو.
بالنسبة للجزائر: صدر قرار إنشاء المؤسسات المصغرة في إطار المشروع الجديد لتوظيف الشباب بالمرسوم الرئاسي رقم 96/234 الصادر في 20 جويلية 1996 والمرسوم التنفيذي رقم 96/296-297 الصادر في 08 سبتمبر 1996.(5)
تعرف المؤسسة المصغرة على أنها: تلك المؤسسة التي يقدر متوسط عدد العمال فيها بثلاث مناصب شغل كحد أقصى , أما رأسمالها فلا يتعدى 10.000.000 دج في كل مؤسسة , فإذا فاقت هذا الحد لا يمكن تصنيفها ضمن المؤسسات المصغرة ولا تقوم الدولة بتمويلها.
2- أهمية الإستثمارات في المشاريع الصغيرة لدعم عملية التنمية.
إن مفهوم التنمية الذي يقوم على جملة من التحولات من نمط إقتصادي إلى نمط آخر أكثر تقدما , و الوسيلة الأكثر ملاءمة للوصول إلى الأهداف المرسومة , كالتقدم الإقتصادي و الإجتماعي و لهذا يجب رسم إستراتيجية للتنمية و التي تقوم على القرارات الأساسية ترسم الخطوط العريضة لبلوغ أهداف محددة , و من أهم الشروط الأساسية لنجاح إستراتيجية التنمية تتطلب تنمية المبادرات الخاصة و تدخل الدولة في ترقية الإستثمار و خاصة تحفيز و حمل الوحدات الإقتصادية بالإستثمار في مجال المشاريع الصغيرة و التي تعد من أفضل الوسائل للإنعاش الإقتصادي نظرا لسهولة تكييفها و مرونتها التي تجعلها قادرة على الجمع بين التنمية الإقتصادية و توفير مناصب الشغل و جلب الثروة , فهي إلى جانب الإستثمارات الكبرى بإمكانها رفع تحديات التنافسية و التنمية و غزو الأسواق الخارجية .
إن مختلف برامج الحكومات من ظهور الإصلاحات السياسية و الإقتصادية , قد كرست هذا الإتجاه بإعتبار أن الإستثمارات في قطاع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و حتى المصغرة تمثل إحدى الأولويات التي ينبغي منحها الأهمية الخاصة في ظل التغيرات التي يعرفها المجال الإقتصادي الشامل في إتجاه إقتصاد السوق , لما لها من أهمية نجملها في :
2-1 الأهمية الإقتصادية للإستثمار في المشاريع الصغيرة :
مما لاشك فيه أن إقتصاد الدول يعتمد إعتمادا كبيرا على الإستثمار في المؤسسات الكبيرة و التي غالبا ما تكون تابعة للقطاع العام , إذ تساهم مساهمة فعالة في التنمية الإقتصادية و لكن تحتاج هذه الإستثمارات إلى إستثمارات في المؤسسات الصغيرة سواء في توفير المواد الأولية أو في التسويق الشامل لتغطية حاجات السوق لأنه من غير الإقتصادي لها أن تغطى بقاع السوق , و مثال ذلك حاجات مصانع إنتاج الحليب و مشتقاته إلى مربي الأبقار في توفير المادة الأولية , و كذا الحاجة إلى تجار التجزئة لتصريف مبيعاتهم , ومنه يظهر جليا ضرورة و جود نوع هذا الإستثمار للدور الهام الذي يلعبه في التنمية الإقتصادية و ذلك من خلال :
1- الحد من البطالة و توفير مناصب شغل .
2- توفير المواد الأولية للإستثمارات الكبيرة في غالب الأحيان .
3- تصريف منتجات المؤسسات الكبيرة .
4- تساعد على زيادة حجم المبيعات و التوزيع مما يقلل من تكاليف التخزين .
5- إمتصاص فوائد الأموال العاطلة و المدخرات و العمل على تشغيلها و المشاركة في أراحها .
6- العمل على تدريب و بناء طبقة قيادية في المجتمعات و زيادة كفاءتها .
7- التجديد في الخدمات و المنتوجات المقدمة .
8- إستغلال الثروات المحلية .
9- القضاء على الإحتكار و تحقيق التوازن الجهوي .
2-2 الأهمية الإجتماعية للإستثمار في المشاريع الصغيرة :
إن للإستثمارات في المشاريع الصغيرة تأثيرا كبيرا في طريقة حياة المجتمعات , و تؤثر تأثيرا مباشرا في حياتهم اليومية , فهي تحسن من الظروف المعيشية من خلال رفع الدخل الفردي و تقلل من الآفات الإجتماعية المنتشرة من خلال الحد من البطالة و توفير مناصب شغل محفزة , و تحافظ على إستمرار الصناعات و المهن التقليدية من خلال إنشاء مؤسسات عائلية حرفية متخصصة تنشأ أجيالا من الشباب يملكون زمام المبادرة و ينظرون إلى المستقبل بنظرة تفاءل , و توفق الترابط بين أفراد المجتمع من خلال العلاقات التي تنشأ بين العاملين فيها , و تنشر في المجتمع التفكير المنظم الذي يؤثر بشكل ما على تصرفات أفراده , هذا القليل مما يمكن حصره من الدور الإجتماعي لهذا النوع من الإستثمار بالرغم من شساعته و إتساعه .
إن من أهم المميزات الجوهرية للإستثمارات في المشاريع الصغيرة هي :
1- إنخفاض مستلزمان رأس المال المطلوبة و صغر القروض اللازمة و المخاطر المنطوية عليها .
2- و جود سوق محدودة و عدد مميز من المستهلكين , يسمح بتغطية سريعة للسوق .
3- نقص حجم القوة العاملة اللازمة و تحقيق روح الفريق و تقليل التكاليف نسبيا .
4- بساطة التكنولوجيا المستعملة و سهولة العمل فيها .
5- و جود إجراءات عمل مبسط و خطط واضحة ووضوح التنظيم .
6- نقص تكلفة الإدارة و المصاريف العمومية .
7- سهولة و حرية الدخول و الخروج من السوق .
8- السرعة و الدقة في إتخاذ القرار و نقص الروتين .
9- السرعة في تغيير النشاط .
إن الإهتمام بهذا النوع من الإستثمارات تشكل الوجه الصحيح للنمو الإقتصادي و الإجتماعي ففي الدول المتقدمة تنتج هذه الإستثمارات ما بين 65% إلى 70% من القيمة المضافة الإجمالية, و توظيف ما بين 70% إلى80% من اليد العاملة , و ما يلاحظ في الجزائر أن هذا النوع من الإستثمارات لم يحظ بالرعاية و الإهتمام اللازمين منذ الإستقلال إلى غاية الإصلاحات الإقتصادية , نظرا لإعتماد إستراتيجيات التنمية المتتالية على المؤسسات الكبرى , و عدم تشجيع القطاع الخاص على الإستثمار إلى غاية 1990 تاريخ ظهور قانون النقد و القرض , و من بين المجهودات المبذولة في هذا الميدان هو إنشاء الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب و التي توجه إستثماراتها لإنشاء المؤسسات المصغرة و كذا توسيعها لتصبح صغيرة و متوسطة .
II- آلية تمويل وخلق المؤسسات المصغرة عن طريق" الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب " .
إن إستثمارات الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب , تتمثل في إنشاء المؤسسات المصغرة الجديدة من طرف الشباب أصحاب المشاريع المؤهلين لذلك , و بذلك تمنح الإعانة من الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب تقوم على ضوابط السن , عدم الشغل و التأهيل .
إن التعديلات(6) الضرورية للجهاز , تعني بالخصوص الصيغة المالية حيث رفع الحد الأقصى للإستثمار من أربعة ملايين دينار(4.000.000 دج) إلى عشرة ملايين دينار (10.000.000دج) و مشكل إمتداد بعض المؤسسات المصغرة التي عرف نشاطها توسعا, سواء على الصعيد الإنتاجي و السوق أو في مجال خلق مناصب الشغل , و التي تجد نفسها في حالة عدم إمكانية توسيع قدراتها المحدودة الإجراءات القانونية للجهاز التي لا ترافق إلا المشاريع الجديدة.
إن التركيبات المالية الجديدة لإستثمارات الوكالة لإنشاء المؤسسة المصغرة المعدلة تتكون من صيغتين :
1- التمويل الثنائي:
في هذه الصيغة يتشكل الإستثمار أو التركيبة المالية للإستثمار من :
1- المساهمة المالية للشاب المستثمر , التي تتغير قيمتها حسب مستوى الإستثمار .
2- القرض بدون فائدة الذي تمنحه الوكالة و يتغير حسب مستوى الإستثمار .
التركيبة المالية للإستثمار حسب هذه الصيغة هي موضحة في الجدول رقم (1) :
الجدول رقم (1) " الهيكل المالي للتمويل الثنائي "
المساهمة الشخصية للمستثمر
القرض بدون فائدة من طرف الوكالة
المستوى 1: قيمة الإستثمار أقل من 2.000.000 دج
75%
25%
المستوى 2: قيمة الإستثمار ما بين 2.000.001 دج و 10.000.000
80%
20%
المصدر : منشورات الوكالة الوطنية لدعم و تشغيل الشباب.
2- التمويل الثلاثي:
في هذه الصيغة يتشكل الإستثمار أو التركيبة المالية للإستثمار من :
1- المساهمة المالية للشاب المستثمر , التي تتغير قيمتها حسب مستوى الإستثمار .
2- القرض بدون فائدة الذي تمنحه الوكالة و يتغير حسب مستوى الإستثمار .
3- القرض البنكي الذي يخفض جزء من فوائده من طرف الوكالة و يتم ضمانه من طرف صندوق الكفالة المشتركة لضمان أخطار القروض .
التركيبة المالية للإستثمار حسب هذه الصيغة هي موضحة في الجدول رقم (2) :
الجدول رقم (2) " الهيكل المالي للتمويل الثلاثي "
المساهمة الشخصية للمستثمر
القرض بدون فائدة من طرف الوكالة
القرض البنكي
المناطق الخاصة
المناطق الأخرى
المناطق الخاصة(7)
المناطق الأخرى
المستوى 1: قيمة الإستثمار أقل من 2.000.000 دج
05%
05%
25%
70%
70%
المستوى 2: قيمة الإستثمار ما بين 2.000.001 دج و 10.000.000
08%
10%
20%
72%
70%
المصدر : منشورات الوكالة الوطنية لدعم و تشغيل الشباب.